معكم محمود عبد الفتاح (مؤسس bkam.com) وعبد الرحمن وهبة (مؤسس iqraaly.com) في “أنا والـ Startup وهواك”، ضيفنا اليوم هو أحد الذي نفذوا تجربة Startup مختلفة جداً وفريدة من نوعها، لخصها في كتاب اسمه “التجربة الخيالية”، يتحدث فيه عن شركته، ضيفنا اليوم م/مصطفى عاشور خريج كلية الهندسة جامعة القاهرة، عمل كمهندس برمجيات في شركة IBM، ثم افتتح مع أصدقائه شركة “خيال إنتر أكتيف إنترتاينمنت”Khayal Interactive Entertainment ، بعدها عمل في Microsoft  كمدير للبرامج.

في عام ٢٠١٣، قرر مصطفى عاشور العودة مرة أخرى لعالم الـstartups مع زميله السابق في Microsoft وخيال أحمد صيري، وطورا تطبيق Resume Designer Pro والذي تم بيعه لشركة اكاد الفرنسية. لينتقل بعدها إلى Boximize وهي منصة لتنظيم حياتك ومعلوماتك عبر المحمول تم اختيارها من Apple كأحسن تطبيق جديد للانتاجية علي الـApp Store الأمريكي.

مصطفي عاشور حاصل علي براءتي اختراع في الولايات المتحدة الامريكية، وبعيداً عن مجال عمله كان من أبطال مصر في التايكوندو لأكثر من عشر سنوات.

(لينك الحلقة علي اقرأ لي)

عبد الرحمن :- مصطفى ياريت باختصار تحكي لنا عن كتاب “التجربة الخيالية” وتجربتكم التي نفذتموها سابقاً.

مصطفى :- أبدأ بتقديم نفسي، أنا خريج هندسة القاهرة، عملت أولاً في شركة IBM، بعد فترة صغيرة أنا واثنين من أصدقائي تركنا IBM، وكونا شركة Startup إسمها “خيال” لها علاقة بالـGaming .

عندما كنا في الجامعة كنا مهتمين جداً بصناعة الألعاب، لكن كانت المشكلة التي تواجهنا أن الألعاب تحتاج إلى تخصصات كثيرة جداً، فنانين، خبراء أصوات، متخصصين في الموسيقى، مصممين جرافيك وكتاب قصص وغيرهم، وهؤلاء لم يكونوا متوفرين لدينا وقتها.

في نفس الوقت كنا نبحث عن أي مدخل لمجال الألعاب، فكانت الفكرة أن نعمل على جزء واحد من هذا المجال يرتبط بمجال تخصصنا، وبالفعل بدأنا في تطوير محرك فيزيائي لألعاب الفيديو Physics Engine، ومحرك الألعاب باختصار جزء موجود داخل اللعبة مسئول عن حركة الأجسام في اللعبة، بحيث تتحرك بطريقة تتطابق مع حركتها في الحقيقة.

للتوضيح، لو قمت بإطلاق صاروخ واصطدم في جدار، محرك الألعاب يحدد كيف يسقط هذا الجدار، وكيف تنكسر أجزاءه وتنتشر في المكان.

كنا نعمل على هذا المشروع في الجامعة، وبعدما تركنا العمل في شركة IBM قررنا تكوين شركة مجال عملها محرك الألعاب، وقتها كانت هناك مسابقة Business Plan Competition، اشتركنا بمحرك الألعاب وفزنا بفترة حضانة وفرت لنا مورد مادي يساعدنا على تنفيذ الفكرة الأكبر، وهي تنفيذ اللعبة التي كنا نحلم بتنفيذها منذ زمن.

فكرة اللعبة كانت تدور حول بطل محلي، يتكلم العربية، ويتعارك بالشومة، ويضرب بالمطواة وهكذا، كما أن مشاهد اللعبة كلها من مصر، طبعا كنا نعرف أننا لن نستطيع مجاراة جودة الشركات العالمية خاصة في مجال الجرافيك، لكن الأمر أشبه بالمراهنة على الأفلام المصرية والأجنبية، فعلى الرغم من أن الأفلام الأجنبية أقوى بكثير، إلا أن هناك سوق كبير للأفلام المصرية.

بدأنا في تنفيذ فكرة اللعبة من خلال شركة “خيال” لمدة ثلاثة سنوات تقريباً، بعدها انتقلت أنا وأصدقائي للعمل في شركة Microsoft، بالنسبة لي عملت كمدير برامج “Program Manager” في شركة Microsoftلمدة خمسة سنوات.

عملي كان موزع بين مقر الشركة في مصر ومقرها الرئيسي في ريدموند واشنطن في أمريكا، وكانت مهمتي إيجاد والعمل علي الأفكار الجديدة من الـ Teams التي تعمل في مصر و محاولة نقلها إلى الـ Product Teams الموجودة في ريدموند، بعد عمل risk reduction وincubation لها. نجحنا في نقل أفكار ومكونات برمجية لبرامج مثل Microsoft Office وBing وMicrosoft Translator

وأحياناً يحدث العكس، لو كانت الـ Teamsفي ريدموند تواجه مشاكل من الخطر وضعها في الـProduct الذي يعملون عليه، نأخذ الفكرة ونعود بها إلى مصر ونبدأ في عمل نموذج له وتجريبه ونرى هل سيعمل أم لا، ثم نذهب بالفكرة إلى ريدموند موضحين ما وصلنا إليه ووجهة نظرنا في الفكرة هل ستعمل أم لا، وإذا نجحت واستطعنا ادخالها في الـProduct النهائي يبقى إحنا كـ Team في القاهرة نجحنا.

عبد الرحمن :- بدون قطع كلامك يا مصطفى، أعتقد أنك كنت أحد أفراد الفريق الذين نفذوا الـProduct العبقري Microsoft Maren الذي من وجهة نظري لم يأخذ حقه.

مصطفى :- صحيح ، عندما بدأنا العمل في Microsoft كان Microsoft Maren هو أول Product ينتج لنا، وهو برنامج يحول من الفرانكوآراب إلى اللغة العربية ليسهل على الناس الذين لا يملكون كيبورد عربي أو الذين يكتبون بشكل أسرع في حالة استخدام الحروف الإنجليزية.

عبد الرحمن :- في الحقيقة أنا عاصرت هذا الـProduct عندما صدر وكنت أراه برنامج عبقري جداً، لأنه وقتها كان لا يوجد سوى Yamli  وهو عبارة عن موقع أردني، تدخل عليه وتكتب الـText الفرانكو آراب ليتحول إلى لغة عربية

مصطفى :- صحيح. Maren كانت ميزته أنه يتعامل كأنه احدى لغات الكيبورد، يعني كما كان يمكن التحويل بين العربية والإنجليزية والاختيار بينهما، كان يمكن أيضاً اختيار Maren وهو يتولى الترجمة لذا كان أسهل في التعامل.

عبد الرحمن: ومع أنه كانت بيني وبين Microsoft عداوة رهيبة، لكني كنت أراها خطوة كبيرة جداً لـ Microsoft.

مصطفى: أعتقد ان نجاح Maren كان لسببين رئيسيين، دقة الترجمة (Transliteration)والدمج في نظام التشغيل O.S، وهذه الفكرة كانت موجودة بالفعل، بمعنى أنه لكي تكتب لغة صينية في Windows كنت تكتب حروف إنجليزية ونظام التشغيل هو الذي يحولها للرموز الصينية، بالتالي الـFrame work بالفعل موجود في Windows ومتاح للجميع.

محمود :- أنا عندي توضيح لمعلومة قيلت أثناء الحوار، Yamli ليس موقعاً أردنياً، بل إن صاحبه حبيب حداد لبناني الجنسية.

نرجع لموضوعنا.. عملك في Microsoft يا مصطفى كان يتطلب السفر إلى ريدموند بشكل مستمر، وعملت مع فريق الترجمة ثم قررت الإنتقال للخطوة التالية، حدثنا عنها.

مصطفى :-  بعد حوالي 5 سنوات في Microsoft قررت أنا وأحمد صبري أحد مؤسسي شركة “خيال” وكان معي في IBM، تكرار تجربة الـStartup مرة أخرى.

ركزنا العمل على تطبيقات الهواتف الذكية، وبدأنا العمل لفترة على تطبيق اسمه Resume Designer Pro وهو يمكن المستخدم من كتابة سيرة ذاتية “C.V.” بشكل أفضل وأسهل، بحيث إنه بيعيطك خطوات تتبعها ويظهر تصميم نهائي للـ C.V الخاص بك، وبعد 5 أو 6 أشهر من طرحه استطعنا بيعه لشركة Akkad الفرنسية.

بعد ذلك انتقلنا للعمل على تطبيق آخر، وهو الذي نعمل عليه حالياً، وهو تطبيق Boximize، وهو تطبيق يمكنك من تسجيل ملاحظات بشكل منظم ليتحول إلى منصة لتنظيم حياتك وإيجاد المعلومات التي تبحث عنها بشكل أسهل.

عبد الرحمن :- أريد التوقف لحظات عند Resume Designer Pro لأنه في مجال الـStartup بيسمى “الطريق” بمعنى أنك تصمم تطبيق أو برنامج وبعد فترة تبيعه بملايين، لذا السؤال ما الذي جعلكم تصممونResume Designer Pro؟

مصطفى :- عندما بدأنا أنا وأحمد صبري، كان أحمد صبري لديه خبرة أكبر في مجال الـ Mobile Space وكانت عنده إستراتيجية أو خطة بسيطة تتلخص في سؤال، هل يوجد تطبيق على الـ App Store ناجح جداً لكنه في نفس الوقت سيئ الصنع جدا. بالتالي عندنا فرصة قوية واقتناعنا بناء على مهارات الـTeam أننا يمكن تنفيذ تطبيق أفضل من هذا يحقق لنا حصة من أرباح هذا السوق بعدما نتمكن من بيعه.

كان نوع من التفكير الopportunity driven لأننا شركة صغيرة تبدأ المشوار نبحث عن قاعدة في البداية تساعدنا في العمل على أفكار أكبر في المستقبل.

وهذا ما فعلناه تحديداً، اخترنا Space كان موجوداً من قبل، ونفذناه في رأيي أفضل من التطبيقات الموجوده بالفعل، ليصبح Resume Designer Pro واقعاً وهو ما حقق لنا تواجد لفترة من الزمن في السوق، حتى طلبت شركة أكبر ضم هذا التطبيق إلى قائمة البرامج الخاصة بها.

عبد الرحمن :- الهدف إذاً لم يكن ابتكار فكرة جديدة أو البحث عن ربح في المقام الأول، أنتم بحثتم عن تطبيق واسع الإستخدام وقررتم تصميم تطبيق أفضل منه، وواضح أنه كان أفضل منه بالفعل. كلامي صحيح؟

مصطفى :- كلام سليم، وكان جزء من الإستراتيجية إننا سنحقق revenue بشكل سريع لأن سوء الفهم أو الخطأ الذي نقابله دوماً في مصر أن البعض يقوم بقراءة Startup literature مكتوب في أمريكا، ويقومون بتطبيقه كما هو دون تغيير أو تعديل أو ملاحظة وجود اختلاف كبير بين مصر وأمريكا، فتكون النتيجة وجود نصائح مثل ” grow fast ومش مهم الـrevenue حالياً” أو تسمع نصيحة على الـ ” acquire users as much as you can وربنا هيفكها إن شاء الله”.

مشكلة هذه الأفكار أنها كانت موجهة لمكان آخر من العالم وليست موجهة لمصر، لذا هي صالحة في مناطق أخرى وليس في مصر، يعني لو تحدثنا عن مشكلة الـ ” acquire users as much as you can وربنا هيفكها إن شاء الله”، يمكن حل المشكلة بطريقتين، الطريقة الأولى أني قادر على إيجاد مصدر تمويل وإستثمار يؤمن داخل مادي لي ويتيح لي العمل دون التفكير في كيفية وحجم المكسب المادي الذي غالبا ما سيأتي لاحقا والطريقة الثانية هي حدوث عملية استحواذ acquisition من شركة أكبر.

محمود :- وطبعاً هذه الطريقة موجودة في مصر دون شك، ملايين الجنيهات التي نمتلكها جميعا لا نعرف فيما نصرفها :]

أنت تنتقض هذا الوضع يا مصطفى؟

مصطفى :- طبعاً.

عبد الرحمن :- هذه خرافة منتشرة جداً، وأنا عن نفسي صدقتها في يوم ما.

مصطفى :- كلنا صدقناها في يوم من الأيام، أنا لا أنكر أن أحد الأهداف من كتاب “التجربة الخيالية” أن يتحدث كل منا عن تجربته، ويوضح الصعاب التي واجهته ويقول what doesn’t work لأني لا أعتقد أنه توجد شركات كثير في مصر عرفت how it works يعني ليس عندنا شرح واضح لتجارب ناجحة لشركات كبيرة، لكن عندنا أمثلة كثيرة لتجارب متعثرة، بالتالي لو الكل تحدث عن تجربته بالتفصيل فسوف يوفر ذلك على آخرين في أول الطريق وقت ومجهود كبيرين للغاية، وبالتالي سيتمكن أي شخص من معرفة هل سيكمل الطريق أم لا.

 

في مجال الـ Startup في مصر غير معروف تحديداً الأمثلة الناجحة من الفاشلة، لكن واضح جداً أن هناك  modelsأ لا يجب الاقتراب منها، لذا هذا كان الهدف، وأن يقوم أخرون بتكرار الفكرة، وبالتالي الكل يجب ان يعرض خبراته.

مثلا: اجيلك يا عبد الرحمن اسالك على Arabic audio content لخبراتك في اقرأ لي فتقولى ايه هى مشاكله اجيلك يا محمود اسالك عن مشاكل ال  –  e-commerce لخبراتك في Bkam.com تقولى عليها و بالتالى اقدر فى اول طريقى اعرف السكه دى شغاله ولا لا لأن في  حاجات بتبقى واضحه جدا انها مش شغاله للي خاض التجربة

عبد الرحمن :- من كلامك أستشف أن من ضمن الخرافات التي رُوّج لها أن الفكرة لكي تنجح يجب أن تكون خارج الصندوق أو متطورة أو لم تنفذ من قبل، وإذا لم تفعل ذلك تصبح فكرة سيئة، لكن واضح من تجربتك أن هذا ليس شرطاً.

مصطفى :- هو طبعاً ليس شرطاً أن تكون الفكرة مبتكرة وخارج الصندوق، يعني مثلاً في فترة التسعينات كان العامة يعتبرون أن المنتج الياباني صناعة سيئة، بعد ذلك أصبح وصف السيئ يتماشى مع المنتج التايواني، ثم الماليزي، ثم وصلنا للصيني.

الذي حدث أن اليابان مثلاً بدأت في تقليد السيارات الأمريكية، لكن في مرحلة معينة بدأت في الابتكار وتنمية مهاراتها لتصبح رقم واحد في السوق، نفس القصة بالنسبة لتايوان التي اصبح لديها brands قوية تايوانية قوية مثل HTC وASUS وACER كل هذه الدول مرت بهذه بمراحل تقليد وتطوير في ما يسمي بالـ immovation وبقينا نحن في مكاننا.

محمود :- غالباً في مصر نتمتع بثقافة اسمها “ثقافة الزياطة”، بحيث أننا نعيب على كل الحضارات والتطورات التي تحدث في الدول الأخرى وفي نفس الوقت لا ننتج أي شيئ جديد، حتى اليوم لو فكرنا نتكلم عن الـStartups في أي مكان فسوف نجد الـDeveloper  المصري ماهر جداً في استخراج الـBugs الموجودة لدى الأخرون، لكنه لو ركز في الـ Code الذي يكتبه فسوف يكتشف ارتكابه أخطاء كثيرة، عندنا اتجاه أننا نعيب على الأخرون ونعدل عليهم لكن لا نعمل ربع الوقت الذي يعملونه.

وهذا يوضح سبب التأخر الذي نعاني منه اليوم، ويجعلني أعود لكتاب “التجربة الخيالية”، أيام الجامعة وبداية عملك على الـ Physics Engine، ما كانت وجهة نظر دكاترة الجامعة في الفكرة؟ هل هي فكرة جيدة لمشروع التخرج وبعد ذلك تعملون في أي شركة أم أن الفكرة يمكن أن تتطور؟ لأن معظم الدكاترة في الجامعات مشروغ التخرج بالنسبة له لا وجود له، هو فقط يريد أن تتخرج من الكلية.

مصطفى :- رأيي أن من يريد فعل شيئ سوف يفعله، حظي كان جيداً فلم تكن هناك مقاومة للفكرة بل كان هناك دعم لنا ونظرة إيجابية للفكرة.

محمود :- ماذا كان رد فعل أهلك؟

مصطفى :- أنا فعلياً اشتغلت في IBM بعد تخرجي مباشرة، لكن خطوة تكوين شركة خاصة وجدت مقاومة من الجميع، الأهل والأصحاب، على اعتبار أنها مجازفة وأنا أعمل في شركة كبيرة ومحترمة، وهي مقاومة لابد من مواجهتها، وبالمناسبة نفس هذه المقاومة موجودة في الخارج لكن في مصر كمجتمع محافظ قد تكون بدرجة أعلى بكثير من مجتمعات أخرى.

عبد الرحمن :- كما قلت يا مصطفى موضوع المقاومة موجود في مصر بدرجة أكبر لأننا مجتمع محافظ لدينا ورث اشتراكي وموظف الحكومة والتدرج الوظيفي، لذا أنا أريد الانتقال لنقطة أخرى، مشروع التخرج الخاص بك كان عن الـ Physics Engine وبعد التخرج دخلت في Business Plan Competition وفزتم بالمركز الثالث ثم حصلتم على فترة حضانة وبدأتم العمل على مشروع التخرج، أعتقد أنك كنت وقتها تعمل في IBM لمدة سنة تقريباً.

سؤالي الأهم، لقد حاولت عمل Startup وأنت متخرج حديثاً وحاولت عمل Startup بعد خبرة حوالي 7 سنوات، احكي لي عن الفرق بين التجربة الأولى والثانية، ومن وجهة نظرك ما المفترض أنه يفعله أي شخص يريد عمل Startup؟

مصطفى :- سؤال صعب، أنا متفهم إن هدفك من السؤال توصل لنقطة أيهما أولى وأهم أن أعمل في شركة أم أن أفتتح شركة خاصة بي، وماذا سوف أستفيد لو عملت في شركة، وماذا سوف سأستفيد لو كونت شركتي الخاصة

عبد الرحمن :- مظبوط جداً، وأيضاً لأن هناك من يمكن تسميتهم “مبشرين الـStartups” وهم أشخاص بعيدون عن المجال يحاولون عن طيب خاطر وطيب نيّة تشجيع طلبة الجامعات على فتح شركات خاصة بهم بدلاً من العمل في شركة بعد التخرج، عندي وجهة نظر في هذا الموضوع لكني أريد سماع وجهة نظرك بما أنك جربت افتتاح شركة بعد التخرج، وجربت افتتاح شركة وأنت تمتلك سنوات خبرة.

مصطفى :- في الأول كنت أحاول القراءة عن الأمثلة الناجحة في المجال وتتبع خطاهم، وتكوين وجهة نظر عن أسلوب النجاح، لكن مع الوقت علمت أنه لا يوجد وصفة سحرية للنجاح، كل شخص يأخذ طريق وأسلوب مختلف يتلائم معه، هناك من يحصل على ماجستير ودكتوراه ليصبح strong entrepreneur على عكس ما قد يتخيل البعض، وهناك من كان entrepreneur من البداية، وهناك من يبدأ بالعمل في شركات، في النهاية لو بحثت جيداً ستجد أن الأمثلة الناجحة انتهجت أساليب مختلفة.

رأيي أنك لابد من تجربة الأساليب المختلفة أو الطرق المختلفة، لأن غالبية الأشخاص لديهم هاجس “هناك ما ينقصني”، بعد التجربة قد تكتشف أنك لا تريد عمل Startup وأنك مرتاح وسعيد بعملك في الشركة، أو قد تكتشف العكس أنك لا تريد العمل في الشركة وتريد تكوين شركتك الخاصة بك.

الميزة في رأيي أنك لو قمت بالعمل في شركة جيدة بعد التخرج فإنها تتيح لك أن ترى وتتعرف على العالم بشكل أوسع، أما لو بقيت مع الأشخاص الذين كنت تعمل معهم في الجامعة فإنك قد تصاب بضيق في الأفق، لأنك لم ترى أخرون ولا نماذج أخرى ولا كيف يروجون لمنتجاتهم ولا تعرف كيف يعملون ولا كيفية الإدارة ولا نوع المشاكل التي يمكن أن تواجهك داخل الشركات.

عبد الرحمن :- أريد منك يا مصطفى أن تتحدث أكثر عن تجربتك في هذه النقطة تحديداً، يهمني أن يعرف الجميع تجربتك أنت الشخصية، عندنا أنشئت شركة “خيال” هل هناك أمور لم تتعلمها إلا بالطريقة العبة وبعد عناء، وهناك أمور أخرى لم تعرفها إلا بعدما ذهبت إلى  Microsoft؟ ولو كنت قد عملت لفترة طويلة قبل تأسيس شركة “خيال” كان يمكنك تطبيق ما تعلمته في شركتك؟

مصطفى :- لنوضح القصة خطوة بخطوة، عندما عملت في شركة IBM لمدة سنة، في هذه السنة أعتقد أن مهاراتي التقنية تحسنت، ثم إنتقلت على الـStartup  التي تعتبر بالنسبة لي عالم مختلف، ﻷنها تتطلب معرفة مهارات مختلفة والإطلاع على مجالات مختلفة، بالتالي الثلاث سنوات التي قضيتها في شركة “خيال” أضافت لي مهارات ربما لم أكتسبها أو أتعرض لها لو كنت بقيت أعمل في أي شركة أخرى، بمعنى أخر تتحول إلى شخص أفقي الفكر أكثر من أن تكون متخصص في مجال واحد فقط، يمكن معلوماتك في تخصصك تقل إلى حد ما، لكنك تتعرف على مجالات أخرى أوسع.

الخطوة التي تليها عندما بدأت العمل في شركة Microsoft كان عندي تساؤلات كثيرة عن بعض العقبات التي واجهتني في الـStartup  ولم أعرف كيفية تخطيها، على سبيل المثال Product مثل windows يعمل به 5000 مهندس برمجة يكتبون code  لإنهاء Product واحد، كيف يتم إدارة كل هذا العدد الرهيب من المهندسين؟ وفي توقيت محدد يتم دمج عملهم مع بعضه البعض؟ كيف تحفز كل هذا العدد على العمل؟ كل هذه الأمور يمكن أن تقرأ عنها لكنك لم ترها تنفذ أمام عينيك.

من ناحية أخرى ربما تعتبر نفسك قوياً في مجالك، لكن عندما تنضم لشركة كبيرة عادة ما تقابل أشخاصا أمهر منك بكثير، على عكس أن تكون أنت مدير شركتك، بالتالي سوف تكتشف أنك تحتاج لتطوير مهاراتك أكثر وتتعلم منهم وتقرأ أكثر.

محمود :- كذلك يا مصطفى في أوقات يصاب الشخص بصدمة عندما يعمل في شركة كبيرة عندما يكتشف أنه كان يحارب لمدة سنتين لانتاج Product وهمي لم ينتجه ولم ينهيه ﻷنه أراده أن يكون ممتاز وقوي بطريقة لم يحققها أحد من قبل، لكنه يفاجئ أن في الشركات الكبرى يعملون بشكل أبسط لكنهم في النهاية ينتجون Products موجودة في السوق.

مصطفى :- هذا حقيقي، وأنت قلت نقطة في أول كلامك أوافقك عليها، الحياة داخل الشركة أسهل كثيرا من الحياة داخل Startup، ﻷنك في الـStartup  تعمل في مجالات مختلفة ودوما تحت ضغط غير طبيعي، ودوما تحسب خطواتك وتسأل نفسك ماذا لو كانت الخطوة خاطئة؟ أما في الشركات الكبيرة فلو خطوت خطوة خاطئة فإن Microsoft مثلا لن تقع أو تنهار، لذا الضغط مختلف تماما ليصبح العمل داخل شركة كبيرة أسهل إلى حد ما.

أما مشكلة الشركات الكبرى أنك بعد معرفة الـlearning curve الخاص بالشركة وكيفية إدارة الشركة والفرق القوية والشخص الماهر الذي تريد أن تصبح مثله، فإنك مع الوقت تتحول إلى ترس في ماكينة كبيرة، ﻷنك تعمل في جزئية مهما كانت مهمة فهي صغيرة بالنسبة لحجم الشركة، ولا تحدث مساهمات رئيسية في الشركات الكبرى.

إنما الفكرة كلها تتلخص في كيفية توزيع العمل على عدد كبير جداً من الموظفين، وكيف أن كل شخص متخصص في مجال معين وهذه جزئية غير موجودة في مصر.

محمود :- هذه هي المشكلة في أننا لا نستطيع انتاج Product في مصر، أننا نركز في معرفة تفاصيل دقيقة جداً وفي النهاية لا يخرج أي Product للنور، كل شخص فرح بأنه يزيد من معلوماته في جزئية معينة لآخر عمره، لكنه في حقيقة الأمر لم ينتج Product واحد.

مصطفى :-  ضع في حسبانك يا محمود أن هذا هو ما يصنع الشركات الكبيرة، عندما يجتمع مجموعة من الموهوبين لديهم معلومات فنية قوية، فإن مساهمات هؤلاء الموهوبين مجتمعة هي التي تقوّم الشركات الكبرى وتجعلها ثابتة في السوق.

محمود :- متفقين، لكن أنت تتكلم عن الشركات الكبرى، أو الشركات التي أنتجت Product بالفعل وتريد تطويره بشكل أفضل، أم الشركات التي لا تزال في أول الطريق فإنها لو اعتمدت على الشخص الذي يمتلك معلومات فنية قوية ومتخصصة للغاية فربما سيكون عبء عليها أكثر من أن يساعد في انتاج Product.

عبد الرحمن :- ممكن أعطيكم مثال، بحكم عملي في مجال الـAudio وموقع اقرألي لدي علاقات مع Soundcloud، من ضمن الأمور الكوميدية والمبهرة في نفس الوقت، إننا في اقرألي عندنا مجموعة معايير نحدد بها هل نحقق نجاح أم لا، نقيم الإستماعات والدقائق، ونسبة المتابعين وهكذا، الشركة كلها تعمل بناء على هذه المعايير، لكن في نقاش مع أحد العاملين في Soundcloud حول أحد المعايير وكيف يتعاملون معها، فكان رده أنه سيحتاج لسؤال الأشخاص الذين يهتمون بمتابعة هذا المعيار، يعني مثلا معيار User retention المسئول عن نسبة بقاء زوار الموقع الجدد مسئول عنه فريق كامل و معيار Listener intensityالمسئول عن تحديد عدد الدقائق التي يسمعها المستمع الواحد مسئول عنه ثلاثة فرق، وكل فريق فيهم تقريباً في حجم شركتنا كلها، بالتالي بتدخل في مقارنة مبهرة وكوميدية في نفس الوقت.

مصطفى :-  سوف أخبرك عن مثال آخر، صديقي في Microsoft كان يعمل ضمن فريق الـOutlook، وعندما سألته في الجزئية التي يعمل بها تحديداً، فرد “هل تعرف صفحة الـOutlook التي تحتوي على”Contact cards”، هو جزء من فريق مكون من 12 شخص يعملون في جزئية صغيرة جداً من برنامج Outlook ما بين Developer و Tester وProgram manager، وللعلم لو نظرت للفريق من الخارج لربما اعتبرت أنها أشبه بالبطالة المقنعة، لكن عندما تكون جزء من الفريق ستعلم أنها ليست بطالة مقنعة لأن الـ12 شخص أعضاء الفريق يعملون فعلاً، لأنه توجد كمية Code Base كبيرة جداً، وتحتاج لأشخاص يكتبون الـCode وأخرون يحافظون ويدعمون ثلاثة أو أربعة اصدارات قديمة من Office بحيث تحدّث كل يوم وتظل بنفس الكفاءة واحرون يتأكدون من جودة ما ينتج، بالتالي الفريق بالكامل سيعمل يومياً.

لكن مع الوقت يقل حجم مساهمتك في الشركة، وتشعر أنك لم تعد تريد فعل ذلك بعد الأن أو لم تعد تريد البقاء في المكان.

محمود :- لنعود قليلا للوراء، أولاً أنت بعد التخرج عملت في شركة IBM مباشرة دون وساطة أو محسوبية؟؟

مصطفى :-  تمام.

محمود :- عندما بدأت تنفيذ فكرتك لم تترك IBM واهتممت بالـ Physics Engineكما يفعل البعض هذه الأيام، بل كنت تعمل على فكرتك ولا تزال تعمل في IBM.

مصطفى :-  كلام سليم، لكن في المرة الثانية فعلت ذلك، تركت Microsoft وبدأت أعمل على تنفيذ فكرتي.

محمود :- المرة الثانية أعتقد أنها كانت مختلفة لأنك كنت إلى حد ما مؤمّن مادياً بعد عملك في شركة دولية، بالتالي لن توجد مشكلة أن تجازف لمدة 6 أشهر أنت وأصدقائك وفي النهاية سوف تتعلم مهارات وخبرات جديدة، لكن أنا أتحدث عن من مبشرين الـstartup كما قال عبد الرحمن.

نقطة أخرى أريد التطرق لها أنك عندما قدمت في Business Plan Competition دون أي وساطة، لكن واجهتكم بعض المعوقات السخيفة، أنكم كنتم حديثي التخرج وطلب منكم Business Model، لكنكم لم تستسلموا وحاولتم تنفيذ ما طلب منكم وبالتأكيد تعلمتم واستفدتم وفزتم بالمركز الثالث، وكما جاء في كتاب “التجربة الخيالية” المنافسين الذين حصلوا على المركزين الأول والثاني كانوا أقوى وأكبر بكثير منكم.

في رأيك ما هي الأمور التي أضرتك كثيراً، ولو عاد بك الزمن كيف ستنفذها؟ يعني المؤكد في “خيال” كانت هناك مشاكل في التعيين واضاعة الوقت في المقابلات الشخصية وغيرها من الأمور، لذا اترك السؤال لعبد الرحمن وبعد ذلك نعود لسؤالي.

 عبد الرحمن :- تحدثنا من قبل يا مصطفى أن الأشخاص الذين لديهم تجاربStartup طويلة في مصر لديهم دوماً التساؤل الآتي “هل نبدأ من الصفر ونبحث عن مشكلة محلية ونوجد لها حل؟ أم نبحث عن فكرة ناجحة ومنتشرة في الخارج ونقلدها في مصر؟”.

في رأيك السوق المصري بما فيه من خبرات ومهارات، هل يناسبه أكثر تقليد النماذج الناجحة في الخارج أم البحث عن حل مشاكل محلية موجودة في مصر

مصطفى :-  أقول مرة أخرى، لا توجد وصفة سحرية للنجاح، لو كانت هناك وصفة كان الكل نجح.

أنا عندي رأي مثير للجدل قليلاً في هذه النقطة من واقع خبرتي، لا تتجه للسوق المحلي الا لو عندك حل واضح وصريح لمشكلة موجودة في السوق المحلي وتعرف (ضع مليون حط تحت تعرف) أنك تستطيع تحقيق مكسب مادي من حل هذه المشكلة،.

ولو ربطنا هذه النقطة بسؤال محمود، فإن الخطأ الرئيسي الذي وقعنا فيه في شركة “خيال” هو ربطها بالألعاب، بمعنى أننا في رأيي كنا على الطريق الصحيح فيما يخص الـ Physics Engine، لأن Physics Engine niche market مطلوب جداً لأن كثيرون من مطوري الألعاب يحتاجون الـ Physics Engine، ووقتها كانت هناك شركتين فقط في السوق، وكانت هناك فرصة كبيرة للتواجد في السوق معهما، لكن الخطأ الذي وقعنا فيه أننا سحبنا للمشكلة المحلية الموجودة وهي عدم وجود لعبة محلية مصرية فاتجهنا لانتاج لعبة بدلاً من المنافسة في مجال الـ Physics Engine، والسبب أن حل مشكلة محلية يعاني منها الجميع تحقق أعلى حالة من حالات الإشباع النفسي للentrepreneur.

عبد الرحمن :- ألم توجه لكم نصائح بترك اللعبة والاستمرار في تطوير الـ Physics Engine؟؟؟

مصطفى :-  تلقينا نصيحة مرة واحدة فقط من دكتور كان يدرس لي في الجامعة، لكن وقتها كانت النصيحة بدون أسباب، وأنا أعتقد أن الدكتور كانت عنده بواقع الخبرة أسباب منطقية وواقعية.

أما لو بدأت العمل في السوق العالمي فحتى لو فشلت فسوف تكتسب خبرات بحكم عملك، وتعلم كيف يفكرون، أو أن تلم بأفكار تخص الـProduct الخاص بك، وكذلك ستتمكن من تكوين شبكة علاقات مع مستثمرين وصحفيين ومدونيين، والتي سوف تساعدك في انتاج Product وتسويقه بشكل أفضل، بالإضافة أن السوق العالمي عندما تستهدفه فهناك فرص تحقيق عائد مادي بشكل أسهل بكثير من السوق المصري، كما أن تكاليف المعيشة في مصر أقل بكثير من الخارج وهو ما يحقق لك ميزة لأن العائد المادي الذي سوف تجنيه من العمل في السوق العالمي سيكون متناسب مع السوق العالمي وليس مع السوق المحلي.

عبد الرحمن :- متفق معك أن حلم كل مبرمج أن ينفذ برامج تباع في السوق العالمي، لكن الموضوع ليس بتلك البساطة التي تتحدث عنها وأنا أعلم أنك متحمس لها، لذا أتمنى أن توضح الفرق لماذا فرص تحقيق العائد المادي من السوق العالمي أفضل من السوق المحلي حتى لا يصبح الكلام مرسلاً ونتحول دون أن ندري إلى مبشرين.

مصطفى :-  أحياناً أعطي الإيحاء ان العمل في السوق العالمي هو حل المشكلة، لكن في الحقيقة هو ليس حلاً للمشكلة، نجاح الـStartup مسألة صعبة للغاية في أي مكان في العالم، وهو ما نسميه Risky business by definition، لكن بما أنك على استعداد أن تخوض التجربة، فليكن خوضك للتجربة في مكان به فرصة أفضل للنجاح، ورأيي كما أوضحت أن السوق العالمي به فرص أفضل، لأنك ممكن تنتج Product صغير يوفر لك عائد مادي كبير لك وللفريق المصاحب لك لمدة طويلة من الزمن حتى تكتشف Product آخر.

والميزة هنا أنك مع الوقت يمكنك أن تقوي من نفسك ومن مهاراتك الفنية والإدارية حتى تستطيع بعد ذلك مواجهة المنتجات الكبيرة في السوق العالمي، لكن الأن لو فكر شخص في انتاج Product مثل twitter أوFacebook فهل يستطيع؟؟ طبعا لأ لأننا في مصر لا نملك الإمكانيات الفنية أو المادية لتحقيق ذلك.

عبد الرحمن :- أريد منك ذكر مثال لكيفية تحقيق مكسب مادي من العمل في السوق العالمي حتى لو كانت قليلة، تمكنه من تنمية مهاراتة وقدراته وخبراته.

مصطفى :- عندي صديق إسمه عمر والي، كان لديه website اسمه www.radicalplay.com عليه ألعاب صغيرة موجهة للسوق العالمي، لا أعرف حالياً المجال الذي يعمل به عمر، لكن وقتها كان الموقع يوفر له عائد مادي محترم جداً، ومنافسه الأمريكي لا يستطيع مجاراته بسبب فرق التكلفة لأن مستوى المعيشة في مصر يختلف عن أمريكا.

عبد الرحمن :- بمعنى أنه يبيع بأسعار منافسه الأمريكي مثلا لا يستطيع البيع بها.

مصطفى :- بالظبط، أو أنه يستثمر في مجال لا يوجد أحد مهتم بالإستثمار به لأنه بالنسبة لهم لن يحقق عائد مادي، وفي مصر نحن نحتاج إلى إنتاج Products ونتعلم حتى لو كنا سنبدأ بـProduct مقلدة أو Productصغيرة جداً حتى أستطيع تنمية مهاراتي الفنية والإدارية لكي أستطيع المنافسة بعد ذلك في السوق العالمي.

الخطوة الثانية أني يجب أقترب أو أجد طريقة لدخول الـsilicon valley في أمريكا، وبناء شبكة علاقات هناك، ولقد تحدثنا من قبل يا عبد الرحمن عن النموذج الإسرائيلي قائم على فكرة هندسة البرمجيات في إسرائيل وتسويقها في أمريكا، لأن السوق في أمريكا أكبر بكثير وهو مركز التكنولوجيا في العالم، بالتالي أحتاج إلى التواجد داخله حتى أتعلم كيف يفكرون وكيف يحللون الأفكار.

أما بخصوص حديثكم عن المبشرين، فهذه أحد المشاكل التي نقابلها في مصر بشكل مستمر، لأنه في مصر يوجد نموذجين منتشرين بصورة كبيرة، نموذج الذين يهوي التصفيق، بمعنى أنك لو قدمت له أي فكرة سيكون رد فعله “دي فكرة جميلة جداً، إنت جامد جداً إنت محصلتش”، ونموذج الذين يهوون الهدم، بمعنى أنك لو قدمت له أي فكرة سيكون رد فعله “إيه القرف ده، ده مستحيل، هو إنت فاكر نفسك بيل جيتس؟!”.

النموذج الموجود في المنتصف بين المصفقون والهدامون هو النموذج الذي تحتاجه مصر، وهو النموذج الذي يساعدك في فكرتك، ويقدم لك اقتراحات ونصائح، وينقل لك تجارب الأخرين الناجحة والفاشلة، وهذا الشخص عادة ما يكون قد مر بتجربة في السابق سواء كانت ناجحة أو فاشلة.

في مصر عندنا نوعية من البشر كما قلتم، مبشرين الـstartup  وظيفة أي منهم أن يتكلم مع أنه غالبا لم يمر بالتجربة، مع ذلك يشجعك على التجربة دون أي خبرة ومع ذلك سوف يصقف لك وأنت ترتكب الأخطاء، لكن في مصر جميعا وأنا أول شخص نحتاج لشخص ذو خبرة يعطيك نصيحة عقلانية.

عبد الرحمن :- نحتاج في مصر لشخص يعطبك نصيحة عقلانية موضوعية عن خبرة وتجربة ورؤية دون أن يكون له أي اهتمام مادي، ولا يخطط لاستغلالك لاحقا.

مصطفى :- مظبوط جدا، وهذا فرق حضاري وجدته في الـsilicon valley ، إنك من الممكن أن تقابل شخص يحاول مساعدتك دون أن تكون هناك معرفة مسبقة، الثقافة هناك تحولت إلى أننا جميعا نحاول مساعدة بعضنا البعض، ونحكي عن تجاربنا وأفكارنا وأخطائنا بدون إنتظار مقابل، مشكلتنا في مصر أن هذه الثقافة ليست موجودة، والمشكلة المركبة هي عدم وجود أشخاص كثيرون يمكنهم القيام بهذا الدور.

عبد الرحمن :- باب الخبرة المتراكمة باب واسع وممكن أن نخصص حلقة كاملة له.

أنت تكلمت عن جزئية مهمة، وهي أن الشخص يمكن أن يعمل من مصر في السوق العالمي ﻷن تكلفة المعيشة في مصر ليست مرتفعة، وهي تمكن المطور من تقديم خدماته بتكلفة أقل من التي يقدمها من يعيشون في الخارج، وفي نفس الوقت يمكن استهداف فرص لا يهتمون بها في الخارج ﻷنها لن تكون ذو عائد مادي قوي بالنسبة لهم.
أعتقد أن هذه المساحة مهمة جدا، فأي منا يمكنه البحث عن سوق صغير غير مهم للstartup  في أمريكا ﻷنهم سيكسبون منها 5000 أو 10000 دولار في الشهر، وهذا المبلغ لن يمكنه من إنشاء شركة في أمريكا، في حين أن هذا المبلغ في مصر يمكنك من إنشاء شركة وتوظيف شخصين أو ثلاثة.

أعتقد أن هذه النقطة درس مهم لأي شخص مهتم بالـstartup.

مصطفى :- أعتقد فعلا أنه درس مهم يا عبد الرحمن خاصة للأشخاص الذين يبدأون الـStartup، فكرة أنك تنتج Product وعندك عملاء وتتمكن من بيع منتجك فهذا جزء من النجاح يدفعك للبحث لكي تنتج Product آخر او تطور الـProduct القديم، وهو ما يجعلك أقوى ماديا ومعنويا.

عبد الرحمن :- هذه النقطة مهمة جداً ﻷن مبشرين ريادة الأعمال التقنية يتحدثون دوماً عن ضرور إنتاج Product كبير وأفضل من الـProducts الموجودة بمراحل مستخدمين مصطلحات عميقة ومتعددة ومعقدة، وفي النهاية رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، أو بالتعبير الدارج “نعيش عيشة أهالينا”، لكن الحقيقة عكس ذلك فالأهم أن تنتج Product، لا يشترط أن يستخدمه ملايين الأشخاص، وهذا هو المنهج الذي انتهجتوه أنت وأصدقائك ونجحت معكم.

مصطفى :- دوما عندنا كلمة نقولها أنا وأحمد الديب وأحمد صبري “مفيش حاجة بتيجي كده” كما تقول نانسي عجرم، بمعنى أنك دوما ترى أخر خطوات شخص ما في مجاله، لكنك لا تعرف شيئا عما تعرض له في بداية مشواره ولا حجم المعوقات والصعاب التي واجهته ولا كمية الخبرة التي اكتسبها حتى يصل للنقطة التي تراه عندها، فتتخيل أنك يمكنك القفز من الصفر إلى نهاية الخط، وما يساعد على ترسيخ هذا الظن أن البعض فعلا يقفز إلى آخر الخط، لكن نسبتهم صغيرة جدا ولكن الاضواء تسلط عليهم بشدة لان الناس (والاعلام) يحبون القصص المثيرة

عبد الرحمن :- أيضا أنت لم ترى السوق الذي يعمل به وحجم التجارب المتراكمة به، يعني الكل يرى Facebook الذي حقق انتشارا مهولا، لكن لا أحد يرى التجارب السابقة مثل Friendsterأو Myspace أو Hi5أو غرفة وبرامج الدردشة وحوال 15 Product ظهروا واختفوا، كل هذه التجارب هيأت الجو العام ﻷن يتفاعل الجميع online وتحدث صداقات، كل ما سبق هيئ الجميع نفسيا لتقبل الـFacebook وهو ما جعله ينتشر وينجح.

لو قرأ أحدكم عن قصة twitter فسيجد أنها قامت على أنقاض شركة أخرى.

محمود :- أنا عندي سؤال أخير يخص التوظيف بإعتبار أنها من أكبر المشاكل التي نقابلها في مصر، والمعاناة التي تقابلك لتجد شخص يمكن الإعتماد عليه، في الكتاب كنت تحكي عن قصص كوميدية أثناء توظيف ﻷشخاص في شركة “خيال”، منهم من قدم سيرة ذاتية مفبركة أو كان مهرجاً في العمل، واضح أنك رأيت العجب في بداية المشوار، أريد منك الحديث عن الدروس التي تعلمتها من عملية التوظيف، وعندما بدأت الاختيار مجدداً، ماذا فعلت؟

مصطفى :- في شركة “خيال” عندما بدأنا تعيين موظفين كنا نحاول اختيار مطوّر قوي، نحن الثلاثة كان مهندسي برمجيات، لذلك كنا نعرف العناصر أو الأدوات التي يمكن من خلالها أن الشخص مهندس برمجيات محترم، لكن عندما أردنا توظيف مصممي جرافيك أو 3D Designers تحديداً، المهم تم تقليص عدد كافة المتقدمين إلى ثلاثة، أحدهم قدم لنا ملف قوي جداً، قمنا بتعيينه وطلبنا منه أن يصمم أول شخصية وكانت لرجل صعيدي، المهم بعد حوالي ثلاثة أو أربعة أسابيع لم يكن قد انتهى من تصميم الشخصية ولم تظهر حتى أية بوادر للشخصية، بالتالي بدأت أشك في هذا الشخص، كيف أن هذا الشخص الذي عرض لنا ملف قوي به تصميمات قوية هو نفسه الشخص الذي لا يستطيع تصميم شخصية رجل صعيدي، بدأت أبحث عن أسماء الصور الموجودة في ملفه، واكتشفت أن ملفه عبارة عن تجميع لصور من جميع أنحاء العالم، يعني صورة من فنان روماني وأخرى لفنان صيني وثالثة لفنان أمريكي.

في رأيي مصر تعاني من مشكلة المواهب الفنية، أو الخبرة الفنية العميقة والمتخصصة، هناك ماهرون لكنهم ليسوا كثيرون، بالتالي في Microsoft كنت مسئول عن التوظيف وفي شركة بحجم Microsoft فأنت ترهق كثيراً لكي تجد شخص يصلح للعمل بها.

في الـStartups الموضوع أصعب، لأنه في Microsoft موارد الشركة يمكن أن تساعدك

محمود :- وفي Microsoft هناك مليون شخص يريد الانضمام للشركة، لكن في حالة الـstartup ليسوا كثيرون الذين يريدون الانضمام.

هل تعلمت هذه النقطة بعد ذلك؟ يعني الأن بعد افتتاح شركة جديدة واستهدفت السوق العالمي، أثناء التوظيف بماذا كنت تهتم؟ وبماذا أفادتك خبرتك؟

مصطفى :- في شركة “خيال” فيما يخص التعيين في المجال الهندسي لم أقع في مطبات أو أخطاء كثيرة، لكن في اختياري للأشخاص فأنا أبحث عن شخص قام بتنفيذ شيئ مختلف، أو خارجة عن المألوف، أو اتخذ مساراً يختلف عن المسار التقليدي، يعني مثلا عمل حاحة في الـ open source أو حاول انتاج Product خاص به أو يعرف لغة برمجة غير مشهورة

محمود :- يعني لا تبحث عن شخص معه شهادات عديدة

مصطفى :- لا أبحث عن شخص معه شهادات ولا شخص سار في الطريق الطبيعي حصل على كورسات أثناء الدراسة الجامعية وعمل في شركة كذا ثم شركة كذا، بالنسبة لي هذا شخص غير مميز، وأنا أبحث عن شخص مميز وهو عادة إما حاول إنتاج Product خاص به أو عمل في Open source product أو كان Freelancer أو عمل في شركة مميزة أو شخص حاول عمل startup طبعاَ، والشخص الذي حاول عمل startupعادة ما كون من أفضل الاختيارات.

عبد الرحمن :- أؤيد نظرية الـstartup، فمن أفضل الأشخاص الذين عيناهم في اقرألي كانت لديهم محاولات عمل startup في السابق أو كانوا ضمن تجارب Startup أخرى.

محمود :- لأنه يبدأ الاعتماد على نفسه وفي نفس الوقت تجده يشعر بالمسئولية، وليس من هؤلاء الذين يمكنهم في نهاية اليوم توريطك في مشكلة، والـFreelance أيضا ميزته أنه تعامل مع عملاء كثيرون، وأصبحت لديه نوع من المسئولية أنه لا يجب أن يتأخـر عن العميل وإلا سوف تسوء سمعته، بخلاف الذي بدأ حياته المهنية بعد التخرج مباشرة، فهو يعلم أن مديره هو الذي في وجه المدفع، ومهما حاولت توضيح الصورة له تجده في عالم آخر.

مصطفى :- أيضاً ميزة الـFreelance أنه شخص متحرك، اعتمد على نفسه ولم ينتظر الوظيفة بل بدأ العمل فوراً.

محمود :- لنبدأ بعرض أسئلة كتبها المتابعون على صفحتنا على الفيسبوك، وهي تحتوي على بعض الأسئلة الظريفة جدا.

السؤال الأول، بنسبة كام عن العلاقات لها دور في نجاحك، يعني بما أنك عملت في شركة عالمية كبيرة، فهل العمل بها ساعدك في نجاح الـ Boximize أو الشركة الجديدة؟ وهل إذا كان عندك Product ممتاز لكن لا تستطيع الوصول لشركات كبيرة، هل ستتمكن من النجاة أم أن هذا هي نهائية العالم؟

مصطفى :- طبعا العلاقات أمر مهم جداً، والعلاقات الاجتماعية لا أعني بها الواسطة أو المحسوبية، بل أقصد ما يسمى رأس المال الاجتماعي أو Social Capital، وهم أشخاص يمكن الاعتماد عليهم والاستماع لنصائحهم وأستفيد منهم ليدلوك على الطريق السليم.

محمود :- بمعنى أن العلاقات ليس الغرق منها اعطائك أولوية على غيرك دون وجه حق.

السؤال الثاني، ما هي مصاريف انتاج Applications وتكاليف الحملة التسويقية؟

مصطفى :- هذا سؤال صعب جداً يا محمود.

محمود :- أنا أعرف أن الأمر نسبي من شخص للأخر ومن Product للأخر، لكن بما أنك نفذت التجربة مرتين لذا دعنا نتحدث بشكل عام، أنا أعرف أن بعض الـProducts تكلف ملايين.

مصطفى :- الحسبة البسيطة لو عندي فكرة وتصور لـApplication معين والفريق الذي أعمل معه هو الذي سينفذها، فأنا أعرف المبالغ المالية التي يتقاضاها كل فرد في الفريق، بالتالي عندي خلفية عن التكلفة الشهرية، والمرتبات فعليا هي الجزء الأكبر من التكلفة.

محمود :- وفيما يخص الحملة التسويقية؟ هل تحتاج ﻷموال كثيرة لكي تصرف على الاعلانات والدعاية؟

مصطفى :- البعض يعتقد أنه لابد من تمويل ضخم لكي يحقق نجاح في App Store وهذا الكلام صحيح وخاطئ في نفس الوقت، يعني لو نظرنا على الكلام المكتوب على Paul Graham أو على Y Combinatorسنجد أنهم يركزون على جزئية أنه لا يوجد startup  ينجح اعتمادا على الإعلان فقط، ﻷن الإعلان والتسويق يحتاجان تكلفة مادية كبيرة جدا وهو أمر لا يتوفر إلا في الشركات الكبرى التي لها استثمارات كثيرة أو تحقق أرباحا كبيرة تمكنها من التسويق.
يوجد كتاب ظريف اسمه Traction يتحدث عن كل الطرق المجانية التي تمكنك من الوصول للعملاء، الكتاب مقسم إلى 15 باب، وهو يصلح للشركات الصغيرة التي لاتزال في أول الطريق، وهناك مرحلة أخرى من الشركات التي تتمتع بقدرة على صرف أموال في مجال الدعاية، مثل شركة Supercell التي انتجت لعبة  Clash of ClansوBoom Beach وHay Day  وغيرها من الألعاب التي تجدها دوما في مركز متقدم من الـApp Store، الشركة يمكنها صرف 500000 دولار يومياً على الدعاية والتسويق، لكن طبعا هذه الشركة عدت مرحلة الـearly stage startup.

محمود :- وغالبا عندما كان في بداية مشواره لم يكن قادرا على صرف هذه المبالغ، لكن بعدما حقق نجاحا بدأ في الصرف على الدعاية، بمعنى أنه لا توجد شركة من أول يوم تصرف أموالا طائلة على الدعاية.

هل هذا هو ما فعلتموه في Boximize؟

مصطفى :- إحنا حققنا نجاح أو تقدمنا بشكل organic، تكلمنا مع مدونيين وعرضنا عليهم الفكرة وأرسلنا لهم معلومات تمكنهم من الحديث بشكل جيد عن الـproduct، وقامت شركة apple بعمل featuring لنا مرتين وهذا ساعدنا للغاية، وتم تصنيفنا داخل App Store في أمريكا علي اننا افضل تطبيق للانتاجية.

محمود :- ما عدد مرات تحميل التطبيق يا مصطفى؟

مصطفى :- حوالي 370000 مرة

محمود :- هل جميعهم تم تنزيلهم بمقابل مادي؟

مصطفى :- لا… ليسوا جميعا بمقابل مادي

محمود :- وما مصدر ربحكم في الوقت الحالي؟

مصطفى :- أكثر الدخل مصدره بيع Resume Designer Pro، وهو الذي وفر لنا أموالا أعدنا استثمارها في Boximize.

محمود :- هل عندك رؤية واضحة لانتاج Product يحقق لك عائد مادي ثابت؟

مصطفى :- الخطوة القادمة هي تحويل Boximize إلى  subscription model يعني تحديد مبلغ شهري لاستخدام البرنامج.

محمود :- من الأمور الجيدة أنك لم تفعل مثل بعض المستثمرين الذين يوهمون الجميع أنه من أول يوم سيحقق مبالغ خرافية، أنت بعد Resume Designer Pro انتجت Boximize ليصبح لديك قاعدة من المتابعين أو المستخدمين تستطيع من خلالهم بعد ذلك تحقيق أرباح.

مصطفى :- لقد قررنا من البداية أن نخطوا كل خطوة بحرص شديد.

محمود :- يعني أنت لا تنصح أي شخص بأن يتجه للربح المادي منذ أول يوم؟

مصطفى :- هذا يتوقف على الـproduct الذي يعمل عليه وطبيعة الخدمة التي يقدمها

هل توجد نقطة لم نتطرق لها تحب أن تتحدث عنها؟ أو هل توجد نصائح أخيرة تحب توجيهها؟

مصطفى :- كنت كتبت مقال من فترة، يتحدث عن فكرة المنتج المصري، أنصح فيه الابتعاد عن السوق المصري إذا كنت لا تعرف تحديدا متطلباته.

محمود :- شكرا جدا لك يا مصطفى

عبد الرحمن :- في النهابة يا مصطفى نشكرك للغاية على المعلومات القيمة التي أطلعتنا عليها، وأعتقد أن هذا النقاش مهم جدا حتى لي أنا ومحمود وأضاف لنا الكثير، الأفكار والانطباعات التي خرجنا بها كانت مثرية للجميع، وشكرا لمحمود أنك سمحت لي بأن أكون محاور اليوم.

محمود :- شاكر ليك لوقتك يا مصطفى.

مصطفى :- شكرا لكما على استضافتي هنا، وأعتقد أن الخطوة القادمة تتطلب أن نسمعكما تتحدثان عن تجربتكما.

Comments

comments